
[٤] استِشعارُ وُجودِ اللهِ تعالى ومُراقبته: وفي ذلك حِرزٌ من الإفراطِ في الحزن والشِّكايةِ لغير الله، وفيهِ عُمقُ الإيمانِ بمُلكيَّةِ الله للنَّفسِ والمالِ والأهلِ والوَلد، وبأنَّهُ المُدبِّرُ والمُصرِّفُ لجميع الأمورِ والأحوالِ، والقادرُ على تغييرِ الحالِ والمآلِ، وأنَّ الكَينونةَ بيدِهِ يُقلِّبها حيثُ يشاء، فالصَّبرُ على ما أرادَ الله مَطلوبٌ، وموافقةُ مَشيئتِهِ أمرٌ مُحبَّبٌ مَرغوب، وفيهِ حقيقةُ الرِّضا وانعِكاسُ الإيمان والتَّسليم والعُبوديَّةُ الخالصةُ لله وحده.
[٦] الإيمانُ بقضاء الله وقَدره: في ذلكَ تثبيتٌ لقلوبِ الصَّالحينَ وتَسريةً عنهم، وفيهِ الثَّباتُ إذا حلَّت البلايا والمصائبُ والمِحن، وعقيدةُ الإيمان مُبرَّأةٌ من الكَسلِ والخُمولِ والشِّكايةِ والانحراف، وفيها اليقينُ بِتبدُّلِ الأحوالِ بين السَّرَّاء والضَّرَّاءِ والخيرِ والشرِّ ابتلاءً من الله لا من أحدٍ سواه، فلا نُكرانَ لدورِهِ وإرادتِه، بل استِقامةٌ على المَنهجِ السَّليمِ في التَّبعيَّةِ والإيمانِ الصَّادقِ مِصداقاً لقولِ الله تعالى: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ*لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ)
[٧] وعندَ الشَّدائدِ يزيدُ المرءُ تعلُّقاً بربِّهِ ويتحصَّلُ له الخيرَ فيما أبدى وصَبر.
[٨] الإيمانُ بمتلازمة قوَّةِ الإنسانِ وقُصورِه: فالآدميُّ مَخلوقٌ من مَخلوقاتِ الله العاقِلة، مُنِحَ العقلَ والإدراكَ والتَّدبير، إلَّا أنَّ فهمه قاصِرٌ في استيعابِ إرادةِ الله وسُنَّتِه في الخلقِ وتَدبير الكونِ وعلاقاتِه ومُستلزماتِ العبادِ وشؤونِ حياتِهم، فيُمضي الله ما يشاءُ من أقدارٍ وظروفٍ وأسبابٍ تسوقُ الشرَّ للإنسانِ، فيظنُّهُ شراً بفهمهِ القاصر، فإذا تكشَّفت الحقائقُ وانتبَه إلى ما هو عنهُ غافلٌ، وجدَ الخيرَ والرَّحمةَ فيما أرادَ اللهُ وعَلِم، والتَّكليفُ منوطٌ بهذه المُلازَمة، فلا يُكلَّفُ الإنسان فوق طاقته، قال تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ).
[٩][١٠] توثيق الصِّلةِ بالله تعالى والانصِرافِ إليه والالتجاءِ غلى رَحمتِه: يبدأ ذلكَ بالاستِعاذة بهِ من كلِّ شيطانٍ ومُشغِل، ثمَّ الاستِرجاعُ باللَّفظِ الوارِدِ في كلامِه سُبحانه وتعالى: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)
[١١] ولذلكَ أثرٌ كبيرٌ في الرِّضا الذي يجبُّ الغمَّ ويَدفعُه ويُمسِكُ على النَّفسِ أَمنها وثقتَها بربِّها، ومما يَنفعُ في ذلكَ تلاوةُ القرآنِ الكريمِ وتدبُّر آياتِه، والانصِرافُ إلى العبادةِ والصَّلوات، وقد كانَ الرَّسولُ الكريمُ عليهِ الصَّلاة والسَّلامُ إذا حَزَبه أمرٌ أو نَزَل به فزِعَ إلى الصَّلاة، والمؤمنُ إن سَلم في ذلك وعملَ اطمأنَّت نفسه وهدأ خاطره، فكانَ لأمرهِ الخيرُ كلُّه مهما تبدَّلت أحواله وتقلَّبت أوقاته، فكان أمرهُ في السَراءِ خيرٌ وفي الضَّرَّاء خير.
في حال أعجبك الموضوع كل ما اوده منك هو نشر هذا الموضوع عبر أدوات المواقع الاجتماعية التالية: ايقونة فيس بوك وتويتر و +1 فى الشريط التالى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ارجو من الزوار المشاركة بتعليقاتهم والاجابة على التعليقات